
حمادة إمام.. الثعلب الذي جمع بين مجد الملاعب وشرف المخابرات في نصر أكتوبر
حين تُذكر بطولات السادس من أكتوبر، تبرز أسماء القادة والجنود الذين صنعوا بدمائهم ملحمة العبور، لكن التاريخ لا يقتصر على ساحات القتال، بل يمتد ليشمل رموزًا من ميادين أخرى، كان لهم حضور وطني لا يقل أهمية، وفي مقدمتهم أسطورة الزمالك الراحل حمادة إمام، الذي جمع بين المجد الكروي والعطاء الوطني.
حمادة إمام، الملقب بـ«الثعلب الكبير»، لم يكن مجرد نجم في الملاعب أو صوتٍ محبوب في التعليق الرياضي، بل كان ضابطًا في المخابرات الحربية خلال حرب أكتوبر المجيدة، يؤدي دوره العسكري في صمتٍ وانضباطٍ، بعيدًا عن أضواء الشهرة.
وُلد إمام في الثامن من نوفمبر عام 1948 بحي المنيرة، ونشأ في بيتٍ كروي عريق، إذ كان والده يحيى إمام حارس مرمى منتخب مصر في الأربعينيات. التحق بالكلية الحربية، وبدأ مسيرته مع الزمالك وهو في السادسة عشرة، لتكشف موهبته الفذة عن لاعب استثنائي كتب اسمه في تاريخ القلعة البيضاء بحروف من ذهب.
سطع نجمه حين أحرز خمسة أهداف في فوز الزمالك التاريخي على الأهلي بنتيجة 6-1، ليُلقَّب بـ«محمد الخامس»، نسبةً إلى ملك المغرب الذي كان يزور القاهرة آنذاك. كما ساهم في فوز فريقه بدرع الدوري عامي 1964 و1965، وسجل «هاتريك» في شباك ويستهام بطل أوروبا، ليهتف عشاق الزمالك: «بص شوف حمادة بيعمل إيه».
ومع اندلاع حرب أكتوبر، ترك حمادة إمام خلفه الأضواء، والتحق بجبهة الشرف والبطولة ضمن صفوف المخابرات الحربية، حيث شارك في استجواب عساف ياجوري، قائد المدرعات الإسرائيلي الأسير. زوجته، الدكتورة ماجي، روت لاحقًا أنه كان يعيش فترة الحرب في سرية تامة، ولم تكن العائلة تعلم شيئًا عن مهمته الوطنية إلا بعد انتهاء القتال.
ورغم اختلاف الانتماءات الكروية، جسد إمام روح الوحدة الوطنية، حين شارك في تدريب لاعبي الأهلي على المقاومة الشعبية، ليؤكد أن الوطن فوق كل الانتماءات.
وبعد النصر، ظل حمادة إمام رمزًا للوفاء والانتماء، ضابطًا ولاعبًا ومعلقًا حمل راية الزمالك ومصر بكل شرف، ليبقى اسمه خالدًا في ذاكرة الوطن كأحد من جمعوا بين المجد في الملاعب والمجد في المعركة.
